معجزة من معجزات الرسول صلى الله علية وسلم

كان بمكة رجل يدعى عمير بن وهب يمثل الشيطان في كيده وخبثه آذى المؤمنين في مكة أذى كبيرا وكثيرا, وفي ذات يوم جلس يتحدث مع صفوان بن أمية فذكر مصاب أهل بدر وأصحاب القليب فقال صفوان:
والله مافي العيش بعدهم خير ( أي الذين ماتوا في معركة بدر من صناديد قريش ) .
عمير: صدقت والله . . . أما والله لولا دين عليَ ليس له عندي قضاء, وعيال أخشى عليهم الضيعة بعدي.
ركبت إلى محمد حتى أقتله, فإن لي قبلهم علة, ابني وهيب أسير في أيديهم. فاغتنمها صفوان, وقال:
عليَ دينك أنا أقضيه عنك, وعيالك مع عيالي أواسيهم ما بقوا لايسعني شيء ويعجز عنهم.
عمير: فأكتم شأني وشأنك.
صفوان: أفعل.

فأمر عمير بسيفه وسمَ ثم انطلق حتى أتى المدينة فبينما عمر ابن الخطاب في نفر من المسلمين يتحدثون عن يوم بدر إذ نظر عمر إلى عمير بن وهب حين أناخ على باب المسجد متوشحا السيف, فقال عمر:
هذا الكلب عدو الله عمير بن وهب, والله ما جاء إلا لشر, ثم دخل عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا نبي الله هذا عدو الله عمير بن وهب قد جاء متوشحا سيفه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أدخله عليَ. فأخذ عمر بحمالة سيفه في عنقه ولببه بها, وقال لرجال من الأنصار أدخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجلسوا عنده واحذروا عليه من هذا الخبيث فإنه غير مأمون. ثم دخل به على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر آخذ بحمالة سيفه في عنقه, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أرسله يا عمر, أدن يا عمير.
عمير: انعموا صباحا ( وكانت هذه تحية أهل الجاهلية)
رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أكرمنا بتحية خير من تحيتك يا عمير بالسلام تحية أهل الجنة.
عمير: أما والله يا محمد إن كنت بها لحديث عهد.
رسول الله صلى الله عليه وسلم: فما جاء بك يا عمير؟
عمير: جئت لهذا الأسير الذي بين أيديكم - يعني ولده وهيبا - فأحسنوا به.
رسول الله صلى الله عليه وسلم: فما بال السيف في عنقك ؟!
عمير: قبحها الله من سيوف وهل أغنت عنا شيئا؟
رسول الله صلى الله عليه وسلم: أصدقني الذي جئت له؟
عمير: ما جئتك إلا لذلك.
رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل قعدت مع صفوان بن أمية في الحجر فذكر تماما أصحاب القليب من قريش ثم قلت لولا دين عليَ وعيال عندي لخرجت حتى أقتل محمدا فتحمل لك صفوان دينك وعيالك على أن تقتلني له, والله حائل بينك وبين ذلك.
عمير: أشهد أنك رسول الله, قد كنا يا رسول الله نكذبك بما كنت تأتينا به من خبر السماء, وما ينزل عليك من الوحي, وهذا أمر لم يحضره إلا أنا وصفوان, فوالله إني لأعلم أنه ما أتاك به إلا الله. فالحمد لله الذي هداني للإسلام, وساقني هذا المساق. ثم شهد شهادة الحق.
رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقهوا أخاكم في دينه وأقرئوه القرآن وأطلقوا له أسيره.
ففعلوا وعاد عمير إلى مكة وقام بالدعوة إلى الإسلام وأوذي كثيرا في ذلك وقد دخل بدعوته خلق كثير.