سيمفونية البكاء والمرح*
انا أيها العازف...طفلة...كانت تملك لعبة البراءة...حتى إذا ما أجادتها..أحبت أن تلعب معها بلعبة الحب...فذهبت لتبحث عنها بين ألعابها....وجدتها ،
فأنساها شكلها كل اللعبات...وعندما أحبت ان تحفظها ، لم تستقر اللعبة فى مكانها .. ووقعت..ووقعت فوقها كل اللعبات...تهشم كل شئ...إذن ما للطفلة
التعيسة إلا البراءة...ينقطع التيارأثناء سيرها فى طريقها لها..فتدوسها دون أن تراها..وتتحطم...ذهبت البراءة...وذهب الحب...كيف ستعزف هذه أيها
العازف ؟؟؟ أريحك...لا تعزفها.
أقول لك...إعزف قصة إنسانة...تاهت فى طريقها...حتى وصلت إلى غابة...وهناك ارتسمت لوحة القدر...كان فى انتظارها أشجار عالية..عالية..عالية
وزروووووووع...وقرد وأسد وذئب وثعلب وقط ودب وكلاب..وحمل
كان الحمل هو السيد...لم يتخيروا القرد لأنه خفيف الحركة إذا أساء فلن يدركه أحد...ولا الذئب لعنفه..ولا الأسد لشراسته وقوته - أسد طيب - ولا الثعلب
لمكره..ولا القط لغدره....ولا الدب لحجمه وضخامته..وكانت الكلاب حراس أمينة ووفية...أما الحمل فقد اختير لسذاجته...ولتكن واجهة الغاب آمنة
وماذا يا ترى يختبئ خلف ظهر الأمان؟؟ .. كل شئ يتناقض مع الأمان.
وجاء ذلك اليوم.....إعزف بشدة أيها العازف...جاء ذلك اليوم الذى وقفت تلك الإنسانة أمام حجاب يفصلها عن السيد - الحمل - وقفت أمامه لتسأله عن
سر غياب الحيوانات فى ذلك اليوم..
أين الدب؟؟ - الدب الذى أخرجنا له قانونا بأن يقلل من الطعام حتى لاتؤذيه ضخامته؟؟؟وحتى لا ينفذ محصول الغذاء وتجوع الحيوانات؟؟ - نعم..أين هو؟؟
- الدب..أكل كل الطعام...فقد قال له القط أن الحيوانات ستستغل ضعفه فى أن تقضى عليه..أكل كل الطعام وهرب.. - وأين القط؟؟ - عثروا عليه مدفونا
فقد قال القرد أنه شعر بذنب فيما فعله بالدب فحفر حفرة لنفسه ونام فيها ينتظر الموت - ومن وضع عليه التراب؟؟ - فعلها الثعلب - وأين هو الثعلب؟؟
ذهب فى صحبة الذئب والكلاب للأسد وقالوا أنهم سيبحثون عن الدب - وأين القرد؟؟ - صعد إلى شجرة متآكلة الأوراق..ومد فمه للسماء ينتظر نقطة من
الماء.......إذن لم يتبق إلا أنت أيها الحمل؟؟ إكشف عنك الحجاب حتى أراك...ماهذا؟؟! أنت حيوان غريب...نعم...أنا الحيوان الشرس الماكر الغادر الضخم
خفيف الحركة الذى إذا أساء لن يستطيع أحد أن يدركه...ومحروس بالأمان حتى يقترب منى كل شئ - أين الحمل؟؟ - أنت الحمل...أنت الشاهد الساذج على
كل ما حدث وكل ما يحدث..وكل ما سيحدث..أنت الضعيفة قليلة الحيلة...انت التى ستعيشين رغم أنفك معى...إهربى إلى اى مكان..ستعودين إلىّ...زهوى
يخبرنى بهذا..ولأجل ذلك...أمامك الطريق..إهربى ، وضيعة فى كل الطرق...وستجدينى أمامك فى النهاية...لا مهرب منى إلا إلىّ.
إعزف أيها العازف...أغنية اللهو والجنون...أريد أن أرقص...خذ إليك عقلى بعزفك...ولأحلم فى تلك اللحظة أن أسخر كل هذا الكون لإرادتى...فإذا بكيت
يحل الظلام...ويعلو عويل الكائنات فى الدجى...وتمطر السماء برقا ورعدا وتصعق من أبكانى.......وإذا ضحكت ، إخضرت الأشجار...وازرقت السماء
وتبسم وجه الشمس..........أفيقى..لماذا أفيق؟؟؟...قد كنت والحياة رفيقين...كفىّ لكفيها عناق...حتى إذا نظرت هناك ، اتسعت ابتسامتى..وانخلع قلبى
نحوه يحبو كطفل صغير إلى قدميه...إحملنى..قبلنى..كن حنونا علىّ..ومددت له يدى...فأصبح هو فى يد ، والحياة فى اليد الأخرى..وقلت ماأجمل ثلاثتنا
أنا والحياة وحبيبى...كنا إذا غمرنا الشوق...أغفلنا الحياة..فإذا ما غفلت الحياة...كنت أنا وهو...أنا وهو فقط...تتعانق كفوفنا...وتتشابك عيوننا...وتتلاحم
أرواحنا...وكنا.............. آسفة ايتها الحياة...لا أستطيع النظر إليك بهذا الوجه الذى خدعك....أنا قد تركتك من أجله...وهو قد تركنى من أجل حياته
... هو أفضل..وما أنا الآن؟؟ إنسانة بلا حياة.....هلاّ عدت إلى؟؟ ما لك سواى....ولم لا؟؟....هل انقطعت كفاكى؟؟ هل أصابك العجز؟؟
يا ويلى....إذن سأقترب أنا....سأحملك فوق كتفاى...ولن أنظر هناك مرة أخرى...
- بل انظرى...ولكن لا تتركينى ثانية....أنا قد سامحتك بما تملكين من ندم وحب وجنون....دعينا نتشابك بإيد واحدة....فأنا باليد الأخرى سأجلب لك
من يستحقون مرافقتنا...وانتى باليد الأخرى تجلبين الحب ، وعطور الأمل.....ونسير سويا خلف موكب الأحلام........ توقف أيها العازف...سأعزف أنا
هذه المرة
ربى إنى أحتاج إليك..قربنى منك...يا من رحمته وسعت كل شئ...إشملنى بعطفك...والصقنى بطاعتك...وإرنى من الطرق طريقا يوصلنى بك...وقبح
مايجمله لى الشيطان فى نظرى....أعرف مدى جحودى...ولا أستطيع حصر ذنوبى...فقط أطمع فى مغفرة منك وأمان...وأحلم باستجابتك...لا تحجب
صوتى عنك يا ربى...بعزتك وجلالك إنى أحبك...وأعرف أنك تحبنى...فلو ماكان هذا صحيح..لما تذكرت قولك ( من تقرب إلىّ شبرا،تقربت إليه ذراع
ومن تقرب إلىّ ذراعا...تقربت إليه باعا...ومن أتانى يمشى..أتيته هرولا) ماأعظمك يا ربى...أنا لن أقنت من رحمتك...وأنت يا ربى لا تتركنى نهبا
لأنياب الدنيا...فهى قد عضتنى...ومرضت...وأنتظر منك الشفاء....فاشفنى يا من بيده الدواء.